إيزا رحلت، رحلت في ظروف عصيبة وهي تنتقل لدواوير حيث العزلة والتهميش لتصور وتهدي الابتسامة وترفع من قامة نساء بلدها في الفيافي.. كيف نرثيك وكيف نقنع والدتك التي أرضعتك حب الوطن في هذه الظروف العصيبة، أنها لم تكن قادرة على الانتقال من جنوب افريقيا إلى المغرب للترحم عليك ودفنك.

في ثقافتنا إكرام الميت دفنه، لكن والدتك عجزت لحظة علمت بوفاتك التراجيدية عن التعجيل بدفنك في تربة بلدك الذي قطعت منه آلاف الكلمترات لتوزعي المساعدات وتمسحي دمع الفقراء والمحتاجين.. سليلة بنصالح ماتت في حادثة سير فجائعية، وتركت لنا الدليل ان هذه الأسرة التي ارتبط اسمها بمياه سيدي علي، ماتت من أجل قضية وهي في الطريق بين مشروع إنساني وآخر تنموي.

لماذا غادرت الآن؟ نتساءل في “فبراير” أي محنة هاته التي تنضاف لمحن نتابعها يوميا. لماذا رحلت في هذه الظروف التي ارتفع فيها سقف الإحباط والإكتئاب والإنطواء على الذات والشك في كل شيء ! تغادرين مبكرا ! ألأنك فطنت للخيبات المتتالية وقرأت مسبقا أن هذا الانحدار لن يتوقف وأنه سيجرف الكثير من إنسانيتنا، بعد أن تحولنا إلى مجرد ملامح خلف أقنعة فرضها علينا الوباء ! هل رأيت وأنت تقفين خلف العدسة ما لم نتمكن من رؤيته؟

كان اهتمامك كمصورة وثائقية تقيم بين لندن والدار البيضاء، يهدف إلى إحداث تأثير اجتماعي، لا سيما وأنك من بين أعضاء منظمة Women Photography، وهي منظمة غير ربحية تم إنشاؤها في عام 2017 لجلب صوت النساء والصحفيات المرئيات. وتتضمن قاعدة بيانات هذا الهيكل أكثر من 1000 مصورة وثائقية مستقلة، في أكثر من 100 دولة.

يأتي الوباء ليكشف لنا مع اغلاق الحدود ومنع الطائرات لمدة 15 يوما تم تمديدها، أن أسرة بنصالح ربت وترعرع على يدها ابنة نذرت حياتها للتصوير وكفكفة دمع الفقير ومساعدته على شق طريقه.

اننا امام شابة اعطت الكثير وان كانت بعد شابة يافعة ظهرت صورتها وهي تحمل كاميرا من الحجم الكبير. الذين يعرفونها يذكرون أنها كانت لا تبتسم الا بعد ان تقوم بعمل انساني.

مجايلها من ابناء الطبقة البورجوازية ينعمون في ثراء الآباء والأجداد. فقد ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، كيف لا وهي حفيدة بنصالح الأب، لكن ايزا لا تفهم ولا تستسيغ هذا الكلام. بالنسبة لها لا طعم للحياة من دون خدمة الآخرين، ولأن هم المرأة كان حاضرا بامتياز، فقد كانت مدافعة شرسة عن المرأة.

عزاؤنا واحد في شابة أحسن والديها تربيتها ويحق لوالدتها ولخالتها مريم بنصالح ولخالها محمد بن صالح، أن يفخروا بها وهم ينتظرون الوقت لدفنها حينما تعود والدتها من جنوب افريقيا وخالها من مهمة خارج أرض الوطن.

The post كيف نرثيك إيزا في عز الوباء ! appeared first on فبراير.كوم | موقع مغربي إخباري شامل يتجدد على مدار الساعة.

Read More

التصنيفات: World

0 تعليق

اترك تعليقاً

عنصر نائب للصورة الرمزية (Avatar)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.