الانهيار الذي واجهته الحكومة بقيادة الرئيس جوتابايا راجاباكسا، بدأ مع التأثير المباشر لأزمة فيروس كورونا وتدهور السياحة، ثم سرعان ما تفاقم بسبب الإنفاق الحكومي المرتفع والتخفيضات الضريبية، التي أدت إلى تآكل إيرادات الدولة، إلى جانب سداد الديون الضخمة إلى الصين، ووصول احتياطيات النقد الأجنبي إلى أدنى مستوياتها منذ عقد.

في غضون ذلك، كان التضخم مدفوعا من قبل الحكومة بطباعة النقود لسداد القروض المحلية والسندات الأجنبية.

ويقدر البنك الدولي أن نصف مليون شخص سقطوا تحت خط الفقر منذ بداية الوباء، وهو ما يهدم جهود 5 سنوات من التقدم في مكافحة الفقر.

وسجل التضخم مستوى قياسيا بلغ 11.1 بالمئة في نوفمبر، وتركت الأسعار المتصاعدة أولئك الذين كانوا في السابق ميسوري الحال، يكافحون لإطعام أسرهم، في حين أن شراء السلع الأساسية الآن أصبح غير ممكن بالنسبة للكثيرين.

وبعد أن أعلن راجاباكسا أن سريلانكا في حالة طوارئ اقتصادية، مُنح الجيش السلطة لضمان بيع المواد الأساسية، بما في ذلك الأرز والسكر، بأسعار حكومية محددة، لكنه لم يفعل شيئا يذكر لتخفيف مشاكل الناس، وفقما ذكرت صحيفة “غارديان” البريطانية.

وقال أنورودا باراناغاما، وهو سائق في العاصمة كولوميو، إن الأحوال الاقتصادية المتردية دفعته إلى وظيفة ثانية لدفع تكاليف الغذاء المتزايدة، وتغطية قرض سيارته، لكن ذلك لم يكن كافيا.

وقال: “من الصعب جدا بالنسبة لي سداد القرض. عندما أضطر إلى دفع فواتير الكهرباء والمياه والإنفاق على الطعام، لا يتبقى لي مال. لقد أصبحت أسرتي تأكل وجبتين في اليوم بدلا من ثلاث”.

ووصف الرجل كيف كان بقال قريته يفتح عبوات من الحليب المجفف بوزن كيلوغرام واحد، ويقسمها إلى عبوات سعة 100 غرام، لأن زبائنه لا يستطيعون شراء العلبة بأكملها.

وكانت خسارة الوظائف والإيرادات الأجنبية الحيوية من السياحة، التي تساهم عادة بأكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كبيرة، حيث فقد أكثر من 200 ألف شخص سبل عيشهم في هذا القطاع وفقا للمجلس العالمي للسفر والسياحة.

ودفع الوضع الاقتصادي الكثير من السكان إلى محاولة مغادرة البلاد، إذ تشكلت طوابير طويلة في مكتب الجوازات، حيث يحاول واحد من كل 4 سريلانكيين، معظمهم من الشباب والمتعلمين، مغادرة البلاد.

ومن أكثر المشاكل إلحاحا بالنسبة لسريلانكا عبء الديون الخارجية الهائل، لا سيما إلى الصين، فهي مدينة للأخيرة بأكثر من 5 مليارات دولار، وفي العام الماضي حصلت على قرض إضافي بقيمة مليار دولار من بكين للمساعدة في أزمتها المالية الحادة، يتم سداده على أقساط.

وفي الأشهر الـ12 المقبلة، سيُطلب من سريلانكا سداد ما يقدر بـ7.3 مليار دولار في شكل قروض محلية وأجنبية، بما في ذلك سداد سندات سيادية دولية بقيمة 500 مليون دولار في يناير.

ومع ذلك، اعتبارا من نوفمبر، بلغت احتياطيات العملات الأجنبية المتاحة 1.6 مليار دولار فقط.

وقال وزير الحكومة راميش باتيرانا، إن الحكومة تأمل في تسوية ديونها النفطية السابقة مع إيران عن طريق “الشاي”، بحيث يتم إرسال هذا المنتج بقيمة 5 ملايين دولار شهريا، من أجل توفير العملة التي تشتد الحاجة إليها.

وأوضح العضو بالبرلمان والاقتصادي المعارض هارشا دي سيلفا، أمام البرلمان مؤخرا، أن احتياطي العملات الأجنبية سيكون سالب 437 مليون دولار بحلول يناير من العام المقبل، في حين أن إجمالي الدين الخارجي للخدمة سيكون 4.8 مليار دولار من فبراير إلى أكتوبر 2022، معلقا بالقول إن “الأمة ستكون مفلسة تماما”.