في محاولة لفهم الثغرات القانونية في قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والزراعة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، قال الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “القضاء الدولي والوطني يُكنّ له دائمًا الاحترام باعتباره ضمانة للحق والقانون، وإن كان القضاة أحيانًا يصدرون أحكامًا قد نرفضها”، مؤكدًا أن “الثغرة القانونية في هذا الحكم هي تمييزه بين الشعب والساكنة في الصحراء المغربية”.

إشكالية الأهلية

وفي ندوة نظّمتها هيئة المحامين بالرباط، اليوم الخميس، أورد بوقنطار أن “حكم محكمة العدل الأوروبية يطرح إشكاليات (القبولية والأهلية للتقاضي) بالنسبة لجبهة البوليساريو”، لافتًا إلى أن “المحكمة سبق أن بررت هذه النقطة في أحكامها السابقة حول القضية”.

وأشار الأكاديمي ذاته إلى أن المادة 263 من قوانين محكمة العدل الأوروبية، التي تنظّم اللجوء إليها للتقاضي، تشترط “أن يكون الطرف شخصًا معنويًا أو ذاتيًا لتقديم الطعون في الأعمال الموجهة ضده”. وفي هذا السياق قالت المفوضية الأوروبية في طعونها المقدمة مؤخراً إن “جبهة البوليساريو لا تتوفر على هذا الشرط”، قبل أن تبرر المحكمة الأمر بأن مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة تعتبر التنظيم الانفصالي المدعوم من الجزائر طرفًا مؤثرًا في ملف الصحراء في شق المفاوضات.

وأشار المتحدث إلى مسألة أخرى استندت إليها محكمة العدل الأوروبية في تبريرها أهلية جبهة البوليساريو للتقاضي، وهي “اعتبار قضاتها أن الصحراء المغربية تدخل قانونيًا ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي حسب قاموس الأمم المتحدة”، وأكد أن “هذا الوضع يُناقش حاليًا في اللجنة الرابعة الأممية”، مبينًا أن “الأمر من المعارك التي يجب أن يستمر المغرب في خوضها، خاصة أن المتغيرات الكبيرة التي حصلت في الملف السياسي لم تغيّر توصيف الأمم المتحدة للأقاليم الجنوبية المغربية”.

وفي هذا السياق أردف بوقنطار بأن محكمة العدل الأوروبية بنت موقفها من أهلية جبهة البوليساريو للتقاضي على هذه الأسس، ما يبيّن أن “قضاتها أغفلوا وجود ممثلين منتخبين من الساكنة يدعمون السيادة المغربية، وبالتالي يكمن المشكل الأولي في كيفية بناء هذا القرار قانونيًا”.
شعب وساكنة الصحراء

لم يكن هذا الجانب هو المشكلة الرئيسية بالنسبة لبوقنطار في الحكم الصادر في الرابع من أكتوبر الجاري، بل تمثل الإشكال في “تأكيد المحكمة أن الاتفاقيتين لم تأخذا استشارة أو موافقة (شعب الصحراء)، في حين تقول أيضًا إن المفوضية الأوروبية، ومن خلال استشاراتها المتعددة عبر مجموعة من الطرق، لم يكن رأي (ساكنة الصحراء) كافيًا لإبراز نيلها موافقة على الاتفاقات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي”، وشدد على أن “هذه هي الثغرة القانونية التي سقط فيها قضاة محكمة العدل الأوروبية، إذ كان التعليل القانوني ضعيفًا، وميّزوا بين الساكنة والشعب دون تقديم معايير واضحة لهذه الخطوة”.

ويرى الأكاديمي ذاته أن “المحكمة ترى أن المفوضية استشارت فئة لا تنتمي إلى (شعب الصحراء)، في حين أن الجميع يعلم أن تحديد وإحصاء سكان هذه المنطقة كان محط تساؤلات منذ السبعينيات، وأصبح تحديد (من هو الصحراوي) خطوة مستحيلة”، وأكد أن “قضاة محكمة العدل الأوروبية ارتكبوا خطأ قانونيًا هنا، وانساقوا وراء الجانب السياسي لفائدة أعداء الوحدة الترابية، وأغفلوا المعطى السوسيولوجي والحقوقي”.

وختم بوقنطار بالتأكيد أن “المغرب حقق مكتسبات جوهرية في ملف الصحراء، وهذه القضية انتهت سياسيًا، لكن قانونيًا مازالت هناك إشكاليات، أولها معركة تغيير توصيف (إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي)، ومعركة جعل قرارات مجلس الأمن تعبّر بوضوح عن أن الحل الوحيد هو الحكم الذاتي، ومعركة طرد جبهة البوليساريو من الاتحاد الإفريقي”.

من جهته اعتبر عزيز رويبح، نقيب المحامين بهيئة الرباط، أن “هذا القرار غير قابل للتنفيذ ويدخل ضمن خانة القرارات القضائية النسبية”، مردفا: “طالما أن الاتحاد الأوروبي يتشكل من العديد من الدول فقد عبرت غالبيتها عن دعم الشراكة مع المغرب”.

وأضاف رويبح أن “القرار سقط في إعطاء أهلية التقاضي لكيان غير معترف به، وتوقيته يثير تساؤلات، خاصة مع تقاعد بعض قضاة الحكم بعد أيام من صدوره”.

The post بوقنطار: “شعب الصحراء” ثغرة “العدل الأوروبية”.. ويجب التحرك بالأمم المتحدة appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

Read More

التصنيفات: آخر الأخبار

0 تعليق

اترك تعليقاً

عنصر نائب للصورة الرمزية (Avatar)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.