إن المتجول في ربوع المملكة المغربية بحواريها وأزقتها ومدنها فضلا عن جبالها وصحرائها ووديانها، يشهد تناغما بين ما حباه الله لهذه الأرض وما أعطى ساكنوها إليها عبر كل الأزمان، أفرز تفردا وتميزا وبروزا قل نظيره للجانب الجمالي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. 

وفي ظل تاريخ طويل من الحضارات والدول المستوطنة للأرض المغربية، بداية بالحضارة الأمازيغية القبلية مرورا إلى الفينيقين التجار والرومان الأباطرة، حتى نشوء الدول الإسلامية الادريسية منها والموحدية حتى تأسيس الدولة العلوية. 

وما يزخر به المغرب مو معالم أثرية وبنايات غاية في الجمال الهندسي والرقي المعرفي الممزوج بالروافد الأندلسية والصحراوية والإفريقية والعربية وغيرها، يؤسس لنظرية تفيد أن من عاش هذه الأرض، تخلق فيه ملكة الإبداع والتجلي الجمالي. 

إبداع كان لابد له من مصدر أصيل وضارب في تاريخ البشرية جمعاء، ظهر ذلك جليا في السنوات الأخيرة عبر ما اكتشفه علماء الآثار وخبراء التاريخ البشري وهو أن المغاربة أقدم سكان الأرض وأول من أبدعوا فيها. 

ففي يونيو 2017 اكتشف علماء الآثار جمجمة في جبل إيغوذ قرب اليوسفية، قالوا إنها لأقدم إنسان في الأرض، عاش بالمغرب قبل 300 مائة ألف سنة، ما أضاف 100 ألف عام أخرى لتاريخ البشرية جمعاء.

وفي منتصف الشهر الجاري كشفت دراسة علمية ألمانية حديثة، أن أول من ابتكر الملابس هم المغاربة الأولون، قبل 120 ألف عام. 

وأوضحت الدراسة، أنه تم اكتشاف “قطع أثرية في كهف يوجد في منطقة الهرهورة، قرب العاصمة الرباط، يعود تاريخها إلى ما قبل 120 ألف عام”.

وأضافت أن تلك القطع “تشير إلى أن المغاربة القدماء كانوا يصنعون ألبسة من جلود وفراء الحيوانات، عن طريق السلخ بعظام الحيوانات”.

وأردفت: “المغاربة استعملوا الأدوات لسلخ الجلد بغية استعماله، وليس للأكل فقط َ، الكهف يضم أقدم دليل، حتى الآن، على مصدر صناعة اللباس في العالم”.

وتوالت هذا الشهر أيضا اكتشافات أخرى أظهرت بما لا يدع مجالا للشك أن المغاربة أول المبدعين على وجه البسيطة، أعلن علماء مغاربة وأميركيون اكتشاف 32 قطعة من الأصداف البحرية استُعملت حلياً، تعود إلى ما بين 140 و150 ألف سنة، في مغارة قرب الصويرة، على بعد 475 كيلومتراً جنوبي الرباط، على المحيط الأطلسي.

وقال العالم المغربي عبد الجليل بوزوكار، من “المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث” في المغرب ورئيس الفريق الدولي الذي يضم أيضاً علماء من “جامعة أريزونا” الأميركية، إن هذا الاكتشاف تم “في مغارة بيزمون ناحية الصويرة في جبل الحديد، في مستويات أركيولوجية ما بين 140 و150 ألف سنة”.

وأضاف بوزوكار “في تلك الفترة كان البحر يبعد عن المنطقة نحو 50 كيلومتراً، بمعنى أن الإنسان ذهب من المغارة حتى شاطئ البحر وجمع أصدافاً معينة، وثقبها، واستعملها قلائد وأساور، كما صبغها بمادة حمراء غنية بأكسيد الحديد (المغرة الحمراء) ربما كانوا يطلون بها أجسادهم أيضاً”.

وأوضح بوزوكار أن هذه الأصداف التي عُثر عليها قرب الصويرة تعد الأقدم في العالم حتى الآن، مشيراً إلى أن الحلي نفسها وُجدت في مواقع أثرية أخرى، مثل ما حدث في الجزائر، وتعود إلى 35 ألف سنة، وفي جنوب أفريقيا حيث تعود لـ76 ألف سنة، وفي الشرق الأوسط وتعود لـ135 ألف سنة. 

The post المغرب..تاريخ بشري أصيل ومنشأ أول المبدعين على وجه الأرض appeared first on فبراير.كوم | موقع مغربي إخباري شامل يتجدد على مدار الساعة.

Read More

التصنيفات: World

0 تعليق

اترك تعليقاً

عنصر نائب للصورة الرمزية (Avatar)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.